مع مرور الأيام، وجدت نادية نفسها تغرق أكثر في عالم من الألغاز والمخاطر. كانت تدرك أن العطر ليس مجرد وسيلة لمنحها جاذبية غامضة، بل كان بوابة لقوة قديمة بدأت تتجسد في كل لحظة تستخدمه فيها. كانت العصابة تزداد شكوكها، وبدأت تراقبها عن كثب، خصوصًا بعدما لاحظوا تأثيرها العجيب على من حولها.
في إحدى الليالي، قررت نادية التسلل إلى أرشيف العصابة السري، حيث يتم الاحتفاظ بالمعلومات عن القطع الأثرية المهربة والمقتنيات الغامضة. كان المكان محصنًا بالحراس، لكن بفضل قوتها الجديدة، استطاعت التسلل دون أن يلاحظها أحد. في إحدى الملفات القديمة، وجدت مخطوطة فرعونية متهالكة، تحدثت عن "زيت الخلود"، وهو مزيج سحري استخدمه الكهنة القدماء لمنح قواهم إلى المختارين. لكن كان هناك تحذير واضح: "من يحاول امتلاك هذه القوة، يصبح مملوكًا لها."
بدأ الخوف يتسلل إلى قلبها. هل كانت مجرد أداة لقوة أقدم منها؟ أم أنها امتلكت شيئًا لم يكن عليها الاقتراب منه؟ وبينما كانت تتصفح المزيد من الوثائق، سمعت صوتًا خلفها.
"أنتِ تبحثين في المكان الخطأ يا سارة... أو يجب أن أقول نادية؟"
التفتت بسرعة لتجد أمامها خالد، أحد كبار أعضاء العصابة. كان رجلًا حاد الذكاء، لم يكن سهل الخداع، ونظراته كانت تعكس مزيجًا من الفضول والخطر.
حاولت التظاهر بالثبات، لكنها أدركت أن اللعب انتهى. خالد كان يعلم عن العطر أكثر مما ظنت، وكان لديه سبب قوي للبحث عنه.
"أعرف أنكِ حصلتِ على شيء ليس لكِ، وأريدكِ أن تسلميه لي قبل أن يصبح خطرًا عليكِ أكثر مما تتخيلين."
لكن نادية لم تكن مستعدة للتخلي عن العطر، أو القوة التي منحها لها. كان عليها اتخاذ قرار مصيري: إما أن تواجه العصابة بقوتها الجديدة، أو تهرب قبل أن تصبح فريسة سهلة.
في اللحظة التي حاول فيها خالد الاقتراب، رفعت زجاجة العطر ورشت منه رذاذًا خفيفًا في الهواء بينهما. للحظة، تجمد في مكانه، وكأن شيئًا قد سيطر عليه. نظرت إليه وعرفت أنها باتت تملك مفاتيح هذه اللعبة.
لكن إلى متى؟ وهل ستتمكن من الهروب من القدر الذي رسمه العطر لها؟
خرجت نادية من الأرشيف مسرعة، وهي تعلم أن الوقت بدأ ينفد. كان عليها العثور على صاحب العطر السابق، ذلك الشخص الذي اختفى، قبل أن تبتلعها هذه القوة تمامًا.
وكان هناك شيء واحد فقط يقودها: أثر العطر الذي لم يختفِ أبدًا.
كانت الليلة باردة حينما وصلت نادية إلى عنوانٍ غامض وجدته في إحدى الوثائق التي سرقتها. شقة صغيرة في حي قديم، لا تحمل أي علامات مميزة، لكن حدسها أخبرها أنها على وشك مواجهة الحقيقة.
طرقت الباب بحذر، ولم تمر سوى لحظات حتى فُتح الباب ببطء، ليظهر أمامها رجل بدا عليه الإنهاك. كان وجهه يحمل آثارًا من الزمن والخوف، وكأن الحياة قد سلبت منه شيئًا ثمينًا.
"أنتِ تبحثين عن العطر، أليس كذلك؟" قال بصوت منخفض، وكأنه يخشى أن يسمعه أحد.
تقدمت نادية بخطوة، وشعرت أن الهواء في الغرفة مشبع بطاقة غير مرئية. "أريد أن أعرف الحقيقة. لماذا اختفى كل من امتلك هذا العطر قبلي؟ وما الذي يخفيه؟"
ضحك الرجل بمرارة، ثم أشار إلى مقعد لتجلس. "العطر ليس مجرد أداة سحرية، بل هو لعنة متنكرة. إنه يستهلك صاحبه ببطء، يمنحه القوة حتى يسيطر عليه تمامًا. أنا كنت آخر من امتلكه، وها أنا الآن مجرد شبح مما كنت عليه."
شعرت نادية بقشعريرة تسري في جسدها. هل كان هذا هو مصيرها أيضًا؟
"إما أن تتخلصي منه، أو أن تجدي طريقة للسيطرة عليه قبل أن يبتلعك بالكامل." تابع الرجل، وهو يحدق في الزجاجة التي تحملها.
لكن نادية لم تكن مستعدة للاستسلام بعد. لقد منحها العطر قوة لم تحلم بها من قبل، ولكن كان عليها أن تجد طريقة لكسر اللعنة قبل أن تفقد نفسها.
وبينما كانت تستعد للمغادرة، أدركت أن هناك شيئًا آخر لم يخبرها به الرجل. كان هناك سر أخير، سر قد يكون المفتاح لإنهاء هذه اللعبة الخطيرة.
لكن هل ستتمكن من كشفه قبل فوات الأوان؟